تعرّف
الآيروسية بأنها : مشتقّة من ( أيروس ) إله الحب عند اليونان القدماء .. وأصحبت
الكلمة تعني الرغبة في الحب الجنسي , ثم تطورت لتصبح مرادفاً للأيروتيكية ( EROTIC ) وهي الإثارة الجسدية
المتعمدة !!
حوت
الآداب الأممية – كلها تقريباً – إنتاجات متشابهة نوعاً وليس كماً في هذا المجال
الذي عبّر عن اللحظة الجسدية للوصول إلى ذلك التصوير الشبقي للحالة , وحتى في
إنتاجنا العربي منذ العصر الجاهلي .. وما معلقة امرئ القيس بغريبة عنا وما حوته من
تصاوير آيروسية تخوض في تفصيلات تلك اللحظة الشبقية الصاخبة .
إلا
أن ما يلاحظ في التويتر اليوم من إنتاج آيروسي / شبقي بات ملحوظا بكثرة متنامية من الجيل الجديد من الجنسين ليكشف لنا عن بذور
تغيير ممكنة في ترتيب أولويات الأخلاق
والتقاليد مستقبلا على يد جيل بدأ يتخّلق
خارج رحم السيطرة الدينية والاجتماعية والسياسية .
أنا
هنا لست واعظاً استنكارياً ولا مصفقاً لهذا التغيير , وإنما راصد بشكل محايد لحركة
تغيير عنيف تدور الآن في عمق الذهن
الاجتماعي , تستدعي الرصد والتقييم وإعطاء تصورات يمكن أن تتنبأ بشكل ولون ذلك
التغيير الذي يمكن أن يحدثه هذا الحراك الذي يتغافل عنه الكثيرون ويعتبرونه جزءاً
ثانوياً على مشهد الوعي اليومي في مجتمعنا .
ما
قبل التويتر .
بل
ما قبل عصر الانترنت لم يكن هناك إنتاج أيروسي حقيقي باستثناء تلك القصيدة مجهولة
المصدر ( ماذا أقول ؟) والتي كتبت على لسان فتاة جامعية , كان الشباب مطلع
التسعينيات يتداولون تلك القصيدة مصحوبة بشيء من الإشاعات المبهّرة للقصة , مثل :
أنه قد تم فصل تلك الفتاة من الجامعة !! وذلك بغية إعطاء شيء من الخيال الداعم لظروف
القصيدة المنظومة على لسان فتاة تحترق شبقاً وتمتلئ بالرغبة الملحّة . باستثناء
تلك القصيدة لم تسجل لنا فترة ما قبل الانترنت أي مشاغبات من هذا النوع بسبب إحكام
القبضة الدينية والاجتماعية .
وحتى
مع بزوغ فجر الانترنت لم تكن هناك ملاحظة لظاهرة انفلات تعبيري نحو هذا الاتجاه ..
أيضا بحكم التقاليد التي تتبعها المنتديات وفضاء الحرية المحدود الذي يحكمها ..
حتى جاءت اللحظة التويترية الصاخبة .. فكان التويتر بما يميزه من حرية فضائية
منطلقة لا تحدها حدود , وبما يتملكه من تقنيات في خصائص استخدامه , وحين بدأ
المجتمع يستلم قيادة نفسه في التعبير وتشكيل الرأي العام بدل المنتديات المحكومة
بأجندات وتوجهات .. في كل تلك الظروف حصلت ثورة البوح الآيروسي بشكل لافت ويبعث
على التأمل فيما يمكن أن يفضي إليه كل ذلك الإيقاع المتنامي باطراد , حيث الانتشار
والزيادة في الأعداد المتابعة للمنتج الآيروسي التويتري والذي يصل عند بعض تلك
الحسابات إلى عشرات الآلاف !
خصائص
الآيروسية التويترية :
المنتج
الآيروسي التويتري بنظرة سريعة من التقييم نجده يحاول أن يتمثل اللغة العربية
الفصحى كأسلوب للتعبير الشبقي المنفلت وبالتالي
يطرح ذلك الإنتاج نفسه في إطار ( ثقافي ) أو يحاول أن يكون كذلك مستخدما فن (
الخواطر ) السريعة والتي لا تكلف كثير موهبة كتابية أو تعبيرية .. رغم الضعف
الملحوظ في التعبيرات والتصاوير والحبكة اللفظية والصورة اللغوية .. إلا أنه يتخذ
التطور السريع سمة له يُصعّب من مهمة
إعطاء حكم تقييمي ثابت عن جملة ذلك
الإنتاج في كل مرة تتم رصد تلك الكتابات .
ومما
يزيد في تصور أن كل هذا ليس مجرد عبث عابر لمراهقين أشقياء هو عدم تعمد ذلك الإنتاج الآيروسي استحضار لحظة
إغواء الصورة الجنسية التقليدية , بل اللجوء إلى خيالات الكلمة الشبقية وما تحدثه
من أثر مضاعف يفوق أثر الصورة المجردة
التقليدية .. إضافة إلى تعمد تلك الحسابات الآيروسية إلى استخدام الصور غير
الملونة , الصور ذات (الأبيض والأسود ) سواء كصور رمزية لتلك الحسابات أو كصور
معروضة تساعد في إيقاد اللغة التصويرية لتلك اللحظات العارمة , وهو تطور نوعي حتى في الإعلام اليوم حيث بعض
أغاني الفيديو كليب وبعض الإعلانات التلفزيونية وكذلك المطبوعة , بغية مضاعفة جرعة
الاندماج في لحظة اللقطة المعروضة بدون الحاجة إلى صخب الألوان وتشتيتها !! كل ذلك
لا يمكن معه تبسيط المسألة بكونها ظاهرة مراهقة اليكترونية فقط !!
لستُ
من هواة نظرية المؤامرة .. ولا أطمح إلى تحميل أي قضية أكثر من حجمها الصادق ..
إلا أن حراكاً يدور الآن بكل تلك التفصيلات المهمة والسياقات الكاشفة عن حجم ثورة
متشكلة في أنماط التفكير الجمعي , كل ذلك
يجب أن يسترعي المهتمين برصد هذا الحراك وتقويم تلك التجربة بهدف إعطاء تلك
التصورات المطلوبة للكشف عن وجه المستقبل المخبوء في رحم تلك الحركة الجديرة بالفحص والتأمل . حيث إن
البدايات مشابهة تماماً لما حصل في أمريكا في ستينيات القرن الماضي من ثورة جنسية
عارمة شكّلت فيما بعد أنثروبولجية المجتمع الأمريكي لم تفلح الكنائس في لجمها ,
حتى إنها تجاوزت ذلك إلى رسم قوانينه المدنية العامة اليوم . الفرق أنها هنا لا
تزال ( اليكترونية ) !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق