إن التعليم اليوم أصبح له جذوره المجتمعية التي تتحكم بها جملة من
المؤثرات في الإعلام والمساجد ومنابر الخطب وفعاليات الحياة العامة , ولم يعد
شأناً أكاديمياً منغلقاً ومنعزلاً عن مؤثرات الواقع .
إن إزالة ركام من تغلغل منظومة التشدد والإقصاء ورفض الآخرين وتزكية
الذات في مخرجات سيئة للغاية هو أمر في غاية الصعوبة . وقد استمر بعضهم في التشاؤم
حتى بعد تعيين الأمير خالد الفيصل بقولهم إنه لن ينجح لأن الوضع أصعب من أن يعالج
,والدليل فشل ثلاثة وزراء قبله في عمل أي شيء !
والحقيقة إن الوضع مختلف نوعاً ما مع خالد الفيصل , فالوزراء الثلاثة
السابقون جاؤوا من خلفيات أكاديمية أو عسكرية , بمعنى أنهم غير مدربين ( سياسياً )
إلا أن الوضع يختلف مع خالد الفيصل الذي أمضى أكثر من أربعين عاماً في الإدارة
السياسية التي كان لها مخرجات فكرية ناجحة على الصعيد الثقافي , خبر فيها منظومة
التشدد وعايشها واقعاً وإدارةً وتعامل مع تداعياتها .
لهذا فخالد الفيصل يختلف كونه جاء من تلك الخلفية التي تعرف خبايا
التعمق التنظيمي الحركي وسبق له التعامل معها . إلا أنه يحتاج – وبكل صراحة – إلى
وزراء معاونين وليس فقط موظفين مخلصين , يحتاج إلى وزراء : الإعلام , والشؤون
الإسلامية , والتعليم العالي ,وأكثر . يحتاج إلى كل هؤلاء بما يشرفون عليه من
قنوات ( تمرير ) تباشر وعي المجتمع وتخلق ثقافته !
لا يزال مشروع الملك عبدالله للإصلاح يسير ببطء وحذر , وهذا مفهوم في
الواقع السوسيولوجي للحالة السعودية , إلا أن المؤسف هو أن العملية الإصلاحية تسير
بنوع من الإعاقة وتتلقى أحيانا الكثير من الصفعات التي تردّها في بعض الأحيان إلى
المربع الأول . وهذا يجب أن ينتهي , من أجل تحقيق مخرجات أفضل .
من المتعارف عليه أن عملية الترميم أكثر صعوبة من عملية البناء نفسها
, فعملية البناء سهلة كونها تتحرك بشكل حر من الصفر . أما الترميم فهو إجراء
تعديلات محكومة بمعطيات الواقع وقوانينه . ونفس الكلام ينطبق على أي عملية ترميم (
سياسية , اقتصادية , ثقافية , تربوية ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق